1-الحرم المكي الجزاءالثاني.
الحِجر
هو الحائط الواقع شمال الكعبة المشرفة على شكل نصف دائرة،
أو هو: ما حواه الحائط المذكور. والأخير هو المراد عند إطلاقه.
سمّي الحجر حجراً لأن قريشاً في بنائها تركت من أساس إبراهيم عليه السلام، وحجرت على الموضع ليعلم أنه من الكعبة انظر "معجم البلدان" لياقوت الحموي (2/221).
وقد سبق أن قريشاً في إعادتها لبناء الكعبة قصرت بهم النفقة فأخرجوا موضع الحجر من الكعبة، وعليه فإن الحجر من الكعبة، لكن ليس كل الحجر من الكعبة كما دلت عليه الروايات.
قال ابن الصلاح: قد اضطربت فيه الروايات، ففي رواية الصحيحين: [ الحجر من البيت] وروي: ستة أذرع أو نحوها، وروي: خمسة أذرع، وروي: قريباً من سبع. قال: وإذا اضطربت الروايات تعين الأخذ بأكثرها والموجود في عصرنا هذا أكثر من سبعة أذرع بكثير، فقد بلغ تسعة أذرع.
بما أن الحجر من البيت فإن أجر الصلاة فيه كأجر الصلاة في البيت.
روى عبد الرزاق في المصنف (5/130) والأزرقي في "أخبار مكة" (1/312) بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما أبالي أفي الحجر صليت أم في جوف الكعبة".
لم يثبت عن النبي أن إسماعيل عليه السلام مدفون بالحجر وقد أخطأ من جزم بذلك إذ لا دليل عليه. قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (27/444): ليس في الدنيا قبر نبي يعرف إلا قبر نبينا اهـ
مقام إبراهيم عليه السلام
تعريفه :
هو الحّجر الأثري الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة المشرفة لما ارتفع البناء. انظر صحيح البخاري (6/397 مع فتح البخاري) ومعجم البلدان (5/164).
والمقام أصله من الجنة، انظر "الحجر الأسود" من هذا البحث. وروى الفاكهي (1/449) بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "المقام من جوهر الجنة".
صفته :
هو حجر رخو من نوع حجر الماء، لونه بين البياض والسواد والصفرة.
وهو مربع الشكل، وذرعه: ذراع (أي حوالي نصف متر)
قال ابن جرير في تفسيره (4/11) عند قوله تعالى: فيه آيات بينات مقام إبراهيم قال: فيه علامات من قدرة الله وآثار خليله إبراهيم منهم أثر قدم خليله إبراهيم في الحجر الذي قام عليه اهـ
قال وصي الله عباس في كتاب "المسجد الحرام تاريخه وأحكامه" ص(448): روى ابن وهب في موطئه بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه قال: رأيت المقام فيه أثر أصابع إبراهيم وأخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم" اهـ انظر تفسير ابن كثير (1/171) وفتح الباري(8/169)
قال ابن حجرفي "فتح الباري" (8/169): "وكان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن أخره عمر رضي الله عنه إلى المكان الذي هو فيه الآن..." اهـ وفعل ذلك دفعاً للتضييق على الطائفين وانظر خبر عمر هذا في مصنف عبد الرزاق (5/48)
ويشرع بعد الطواف صلاة ركعتين خلف المقام قال تعالى: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وانظر فتح الباري (8/168). وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أراد أن يصلي خلف المقام جعل بينه وبين المقام صفا أو صفين أو رجلا أو رجلين.
ولا يشرع مسح المقام فضلا عن تقبيله وكان ابن الزبير رضي الله عنهما ينهى عن ذلك ويقول: إنكم لم تؤمروا بالمسح وإنما أمرتم بالصلاة .
الميزاب
هو مصب ماء المطر الذي على سطح الكعبة.
روى الأزرقي في أخبار مكة (2/53) بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار. قيل لابن عباس: وما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب. قيل: وما شراب الأبرار؟ قال: ماء زمزم.
تنبيه هام :
فقد فسر ابن عباس شراب الأبرار بماء زمزم، لا كما يظن بعض العوام هداهم الله، فيحرصون على شرب ماء المطر الذي ينزل من الميزاب.
الملتزم
هو مكان الالتزام من الكعبة فيما بين الحجر الأسود وباب الكعبة المشرفة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "هذا الملتزم بين الركن والباب" رواه الإمام عبد الرزاق في مصنفه (5/76) بإسناد صحيح.
وذرعه كما قال الأزرقي في أخبار مكة (1/350): أربعة أذرع. أي حوالي مترين.
والالتزام بأن يضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه بين الركن والباب، ويسن عند الالتزام فيه الدعاء والتضرع إلى الله تعالى... وقد فعله النبي وأصحابه من بعده. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (2138).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى 26/142): وإن أحب أن يأتي الملتزم وهو ما بين الحجر الأسود والباب فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك... ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً".
زمزم
تعريفه :
هو علم للبئر التي تقع جنوبي مقام إبراهيم عليه السلام على بعد 18 متراً منه في المسجد الحرام. واشتقاقه من الزمزمة وهو الصوت مطلقاً، أو الصوت البعيد يُسمع له دوي. قال ابن قتيبة في "غريب الحديث" (2/502): ولا أراهم قالوا زمزم إلا لصوت الماء حين ظهر اهـ
تاريخه :
كانت مكة قبل هجرة الخليل إبراهيم عليه السلام إليها خالية من الماء والزرع، ولما أراد الله أن تكون مركزاً لعبادته أمر إبراهيم عليه السلام أن يهاجر بابنه الرضيع إسماعيل وزوجه هاجر إلى هناك ففعل وأسكنهما في هذا الوادي ثم ذهب إبراهيم عنهما وترك لهما بعض الزاد والماء فلما نفد الماء واشتد العطش بإسماعيل جرت أمه هاجر بحثاً عن الماء ولم تجد شيئاً فأرسل الله جبريل وحفر عن موضع بئر زمزم الماء عن عقبه. (انظر القصة بتمامها في صحيح البخاري (6/396 مع فتح الباري).
قال الفاسي: ولم يزل ماء زمزم طاهراً ينتفع به سكان مكة إلى أن استخفت جرهم "هي القبيلة التي كانت تسكن مكة" بحرمة الكعبة والحرم فدرس موضعه ومرت عليه السنون عصراً بعد عصر إلى أن صار لا يعرف (شفاء الغرام 1/247). وبقي على حاله تلك إلى أن جاء عصر عبد المطلب جد النبي ، فأراه الله مكانه في المنام، وأمره آمر في مانمه أن يحفره، فحفره وانفجر الماء من جديد "انظر دلائل النبوة للبيهقي (1/78) وأخبار مكة للأزرقي (2/46): فيهما قصة عبدالمطلب هذه بطولها، عن علي رضي الله عنه بإسناد لا بأس به".
من فضائل زمزم :
أن جبريل عليه السلام غسل به صدر النبي صلى الله عليه وسلم بعد شقه. (انظر صحيح البخاري 3/492 مع فتح الباري)
قال النبي : ((ماء زمزم لما شرب له))
وقال : ((إنها مباركة وهي طعام طعم وشفاء سقم))
وقال : ((خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم فيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم))
وقد سمن أبو ذر رضي الله عنه من شرب زمزم، إذ بقي شهراً بالمسجد الحرام ليس له طعام إلا هو (انظر صحيح مسلم 4/1919)
روى الفاكهي في أخبار مكة (2/36) عن ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد صحيح أنه قال: كنا نسميها شباعة، نعم العون على العيال.
وهي شراب الأبرار كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما. "أخبار مكة للأزرقي 2/53 عن ابن عباس"